دراسة كتابية وعلمية عن الخمر وسائر المشروبات الكحولية
الجزأ ألأول
****
كثيراً ما تتضارب الأقوال حول الخمر والمشروبات الكحولية المتنوعة، مدى فائدتها ومدى ضررها للإنسان
البعض يؤيدها والبعض الآخر يرفضها. كما أن الأديان والعقائد والمذاهب المختلفة تتخالف بالرأي حول صلاحية إستخدام الإنسان للخمر في مشروباته
أولا، وللاسف يجد الإسلام في هذه الناحية نقطة ضعف بسبب إبتعاد معظم الكنائس والعقائد المسيحية عن دراسة ما يقوله الكتاب المقدس بعمق لفهم ما يقوله الروح القدس عن هذا الموضوع.
وكذلك العلم والطب من ناحيةٍ يقول بأن الخمر يفيد نوعاً ما، ومن ناحية أخرى نجد أن الطب الحديث يثبت بشكل قاطع وجازم مدى التأثير الضار لكميات قليلة من الكحول على الجسم البشري بمختلف أعضائه، سواء عصبياً أو نفسياً أو بيولوجيّاً ومدى إنعكاساته السلبية على تصرفاته في المجتمع الذي يعيش فيه لدرجة قد تجعله خطراً متحركاً للمجتمع.
وللأسف الشديد البعض
(ولاسيّما من المسيحيين الذين إما لم تكن لهم الفرصة لكي يدرسوا كلمة الرب بعمق وإما الذين ليس من مصلحتهم دراسة هذا الموضوع بعمق لئلا تنكشف مناقضتهم للكتاب المقدس)يأخذون بعض الأعداد من الكتاب المقدس لكي يثبتوا أن الرب نفسه يأمر الإنسان بشرب الخمر الكحولي والتمتع به.
والبعض الآخر يستشهد بأن الرب يسوع المسيح بدأ خدمته وصنع أول عجائبه محولاً الماء إلى خمرٍ كحولية لكي يسقي المدعوين إلى العرس.
ــ هل هذه الأمور هي هكذا كما يقولون؟ أم أن هناك أمور كثيرة وكلمات كثيرة لم يفهموها وسوف بعطون حساباً أمام الرب لعدم إهتمامهم بفهمها مما جعلهم ينسبون للرب أمراً يقول هو نفسه عنه في كلمته الموحى بها من الروح القدس بأنه حماقة وجنون ونقص للتفكير السليم مضرة للجسد وسبب لموت الكثيرين قبل أوانهم و...
في بدايتي لهذه الدراسة سوف اركز على بعض الأمور التي تهم
كل قارئٍ ودارس لكلمة الرب،
كذلك لكل من يتطاول على كلمة الرب
ولكل من يريد فعلاً أن يقتني المعرفة والحكمة التي يقول عنها الرب في سفر الأمثال
محاولاً إيجاد تناقضات فيها وبالأخص في هذا الشأن.
وهذه الأمور التي ساركز عليها في البدء هي أمور لغوية بحتة، وطبية، وبعد ذلك سأدخل في تفسير الكثير من المقاطع التي تتكلم في الكتاب المقدس بعهديه عن أنواع الخمر الكحولي وغير الكحولي وعن المشروبات الأخرى الكحولية التي يسميها الكتاب بالمسكرات والأشربة الممزوجة(كوكتيل).
كل من يعرف بعمق أو حتى من يسأل لكي يتعلم عن أصل بعض الكلمات وبالأخص في اللغتين العبرية واليونانية اللتان كتبت أسفار الكتاب المقدس بهما، بحيث أن كل اللغات والترجمات الأخرى يجب أن تكون متطابقة معهما وإلا سيكون هناك أخطاء ربما هفوية ولكن ربما عمدية في بعض الأحيان من بعض المترجمين لأسباب طائفية وطقسية يصعب على المترجم المنتمي لهذه الطقوس والطوائف أن يخالفها لخوفه منها.وأقول هذا لأنه حتى الترجمة من اللغة اليونانية الأصلية إلى اللغة اليونانية الحديثة (بهدف تبسيط اللغة لغرض التداول) ومن ثم الترجمات للغات أخرى نتجت عن هذه الترجمة لا تتصف بالدقة في بعض الأحيان وسوف نرى هذه المقاطع في دراستنا هذه، وأجرؤ على قول هذا بدون أدنى خوف من أن يؤخذ كلامي هذا كنقض للكتاب المقدس أو أن يستخدمه البعض كحجة لإثبات تحريف الكتاب المقدس، كلا. بل من هذا أقصد أن من يدرس الكتاب المقدس في أمر ما يجب عليه أن يدرس كل النصوص المتعلقة بالموضوع الذي يدرسه وأن يرى الأمور تاريخياً ولغوياً و علمياً ومن ثم سيجد أن كل هذه تتطابق تماماً مع كلمة الرب الصادقة والممحوصة من الرب نفسه وقد عمل هو بنفسه على حفظها وصيانتها من دور إلى دور.
مزمور 12 : 6 و 7
6 كَلاَمُ الرَّبِّ كَلاَمٌ نَقِيٌّ كَفِضَّةٍ مُصَفَّاةٍ فِي بُوطَةٍ فِي الأَرْضِ مَمْحُوصَةٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ.7 أَنْتَ يَا رَبُّ تَحْفَظُهُمْ. تَحْرُسُهُمْ مِنْ هَذَا الْجِيلِ إِلَى الدَّهْرِ.
في اللغة العبرية هناك كلمتان مختلفتان تميزان بين أنواع الخمر الكحولي وغير الكحولي*
*H3196 (Strong's Hebrew and Greek Dictionaries)
יין
Yayin ياين(الخمر الكحولي)
From an unused root meaning to effervesce;
wine (as fermented); by implication intoxication: - {banqueting} {wine} wine [-bibber].
תּירשׁ תּירושׁ
yah'-yin tîyrôsh tîyrôsh
تيروش(الخمر الغير كحولي) {Tee-roshe'} tee-roshe'
From H3423 in the sense of expulsion;
must or fresh grape juice (as just squeezed out); by implication (rarely) fermented wine: -
({new} sweet) wine
وأما في اللغة اليونانية القديمة فالكلمة المستخدمة** تطلق على
نتاج الكرمة بمختلف أنواعه من العنب وعصيره الطبيعي حتى الزبيب والمربّى والخمر الكحولي المعروف بإسم النبيذ.
**Οινος (Ions) وباللغة العربية تلفظ هكذا (إينوس)_
G3631 (Strong's Hebrew and Greek Dictionaries) οἶνος
oinos
oy'-nos
A primary word (or perhaps of Hebrew origin [H3196]); wine (literally or figuratively): - wine.
والجدير بالذكر هنا أنه بسبب الترجمات الحديثة الكثير من اليونانيين أنفسهم لا يعرفون هذا المعنى، وإن عرفوه يرفضونه لمحبتهم للخمر والمشروبات الكحولية.
وأما من الناحية الطبية
فإذا كان الخمر والمشروبات الكحولية الثقيلة كما يقول البعض نافعة للقلب وللدورة الدموية من ناحية، ولكن الأضرار الناتجة عنها والتي تصيب خلايا المخ والكبد والأعصاب، وما يرافقها من الأمراض النفسية وما ينتج عنها من تدهور في العلاقات الزوجية والعائلية والمهنية والإجتماعية والمادية أكبر وأخطر بكثير، كما يمكن الإستيعاض عنها بفواكه وخضار ونباتات وضعها الرب في الطبيعة من أجل هذا الغرض بالتحديد.
من المعروف علمياً أن مقداراً صغيراً من الكحول يكفي لكي يتلف مقداراً متناسباً معه من خلايا الكبد و المخ
(ومن الجدير بالذكر أن الجسد لا يستطيع تعويض هذه الخلايا وإنتاج أخرى جديدة.)
مما يسبب تليف الكبد والمثبت علمياً أن خمسين بالمئة من المصابين بهذا المرض يموتون بدون أن يفيد العلاج معهم، كما أن عشرين بالمئة ممن يشربون المشروبات الكحولية يصابون بهذا المرض.
==
كما أنه من المثبت علميّاً أن السَكَرْ ليس حالةً فجائية يتعرض لها الشخص بعد شربه لكميات كبيرة من الكحول بل هي حالة تدريجية يصل إليها الشخص المتعاطي كمن ينزل السلالم درجة بعد الأخرى. فإذا كان شخص ما يحتاج لستة زجاجات من البيرة لكي يسكر كلياً(يفقد السيطرة على نفسه قولاً وفكراً وعملاً) فعندما يشرب الزجاجة الأولى فهو سكران بنسبة 6/1 وفي الزجاجة الثالثة هو نصف سكران بنسبة 6/3 أي 2/1 وهكذا... ناهيك عن أنه من المثبت علمياً أن جرعة واحدة من الكحول تؤثر على دماغ الإنسان سلبياً حسب الأبحاث الطبية العلمية اللاحقة.كما أن دراسات طبية أخرى أثبتت أن جرعة واحدة من الكحول تؤثر تأثيراً سلبياً على المخ وقدرته على التمييز بين الصح والخطأ ، وتجاوبه بسرعة مع التغييرات التي تطرأ فجأةً في الجو المحيط..وتبين أن جرعات ضئيلة من الكحول أثرت وبسرعة على الطبقة الخارجية الأمامية للدماغ أو ما يعرف ب(أس س)*، وهو الجزء الذي يؤثر على عملية التفكير وملاحظة الخطأ بصورة لا شعورية في المخ. ويلعب هذا الجزء دوراً في إستجابة الإنسان للتغيرات غير المتوقعة في الجو.
لا أدري إن كان هناك شخص يصمم بعد كل هذا على أن المشروبات الكحولية مفيدة للجسد والمجتمع وللعائلة و... ولا ادري ايضاً إن كان هناك شخص يجرؤ على أن ينسب للرب إتهاماً مثل هذا أنه سمح في كلمته الطاهرة للإنسان بأن يشرب ولو جرعة واحدة من مثل هذه المشروبات.
ولهذا أشدد على أن الحل الوحيد لكي يعرف الإنسان ما يقصده الرب في كلامه هو الدراسة العميقة للكلمة وفهمها بالروح القدس وتطبيقها بمساعدته في الحياة العملية اليومية.
وهذا أقوله لكي لا يتبجح دعاة الإسلام بأنه هو الحل الأول والوحيد لمشكلة الخمر والكحول، فالكتاب المقدس سبق محمد وإدعآته بأكثر من ألفي سنة تقريباً.